تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49932 مشاهدة
عقيدة السلف في الصحابة وما حدث بينهم

ص (ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبتهم، وذكر محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم، واعتقاد فضلهم، ومعرفة سابقتهم، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر: 10]، وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .


س 58 (أ) ماذا يجب علينا نحو الصحابة (ب) وما كيفية توليهم. (ج) وما المراد بمساوئهم وما شجر بينهم. (د) ووضح دلالة الآيات والحديث؟
ج 58 (أ) اشتهر عن الرافضة -لعنهم الله- سب الصحابة، وشتمهم، وتكفيرهم، وبالأخص أكابرهم، كالعشرة ما عدا عليا وقد ولّدوا أكاذيب وترهات لفقوها، وألصقوها بهم، وجحدوا فضلهم، وأنكروا جميع مميزاتهم، واتهموهم بإخفاء شيء من القرآن ونحوه، وأضافوا إلى ذلك الغلو والإفراط في علي وأهل بيته، حتى عبدوهم من دون الله، فلأجل الرد عليهم، وإظهار بهتانهم أظهر أهل السنة فضل الصحابة وسبقهم، وجعلوه في معتقداتهم، فنحن نحب جميع الصحابة، ونترضى عنهم، ونعترف بفضلهم، ونشهد لهم بالصلاح، وندعو لهم مع أنفسنا، فنقول رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وما ذاك إلا أنهم آمنوا وصدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت القلة والذلة، ثم هاجروا وتركوا البلاد والأهل والمال، ثم بذلوا نفوسهم وما يملكون رخيصة في سبيل الله، وإعلاء كلمته ونصرة رسوله، هذا مع العبادة والتهجد، والمسابقة إلى الخيرات، كما تشهد بذلك الآثار المستفيضة.
(ب) والمراد بتوليهم محبتهم وموالاتهم كلهم، وعدم بغض أحد منهم، والحرص على الاقتداء بهم، ومعاداة من عاداهم.
(ج) و (مساوئهم) هي ما ينقل عن بعضهم من الأعمال المرجوحة أو المكروهة، فإننا نكف عنها، ولا نعيبهم بها، بل نعتذر عنهم بأن تلك المعائب المنقولة أكثرها مكذوب عليهم، من توليد أعدائهم من الخوارج، والروافض، والنواصب، وما صح منها فهم فعلوه باجتهاد، ولهم أجر على الاجتهاد وخطؤهم مغفور.
(ج) و (ما شجر بينهم) أي وقع بينهم من الاختلاف الذي أدى إلى القتال، كما في وقعة الجمل وصفين، نكف عن ذلك ولا نعيبهم به، بل نعتقد أن الكل مجتهد، والمخطئ منهم معذور لاجتهاده.
(د) قول: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ هذا مدح لمن جاء بعد السابقين الأولين من هذه الأمة، مقتديا بهم، داعيا لهم، مع نفسه بالمغفرة ونزع الغل، وهو الحقد في القلب، ففي الآية الاعتراف بفضل الصحابة، بأنهم إخواننا أي في الدين، وبسبقهم الذي فاقوا به من بعدهم، وبالشهادة لهم بالإيمان.
قوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ هذا مدح للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، ووصف لهم بالشدة والقوة على الكفار، وبالرقة والشفقة فيما بينهم، وهذا كقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة].
والحديث المذكور في الصحيحين عن أبي سعيد وفي ابن ماجه عن أبي هريرة بإسناد صحيح، وسببه أنه كان بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد شيء، فنال منه خالد فقال صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي... أي السابقين، فإن عبد الرحمن أسلم قديما قبل الهجرة، وخالدا إنما أسلم سنة ثمان، فكيف يسب من هو أفضل من عبد الرحمن كالشيخين، وكيف بما صدر ممن هو بعد خالد رضي الله عنه. ومعنى الحديث: أن الواحد من غير الصحابة لو أنفق في سبيل الله مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ من الثواب ثواب من أنفق من الصحابة مدا أو نصيفه. والمد مكيال معروف، والنصيف النصف أي نصف المد، أو نصف أحد الصحابة.